
تفكيك ميليشيات العراق.. مهمة مستحيلة ؟….داود البصري
ما طالب به وزير الخارجية السعودية عادل الجبير مؤخرا الحكومة العراقية من ضرورة العمل الجاد على تفكيك الميليشيات الطائفية التي أضحت اليوم هي اللاعب الأكبر في الوضع الداخلي العراقي، سرعان ما رد عليه رئيس الحكومة العراقية والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي بالرفض القاطع معتبرا الحشد الطائفي جزءا مركزيا من المنظومة العسكرية والأمنية العراقية والتابعة نظريا لقيادته!!، ورفض العبادي للموقف السعودي لا يعبر فقط عن موقف شخصي منبثق من الحالة العقائدية والفكرية التي يحملها الرجل وهو قيادي من الصف الثاني في حزب الدعوة الطائفي الإيراني المنهج الطائفي العقيدة، المتطرف السلوك!، بقدر ما يعبر عن حقيقة الوضع السلطوي لحيدر العبادي!، فهو يرأس الحكومة العراقية ليس بصفته القيادية بل بسبب دعم التحالف السياسي الطائفي المدعوم إيرانيا له!، وهو الدعم الذي جنبه مواقف انزلاقية كثيرة منعت من الإطاحة بحكومته المهلهلة أصلا، والتي فقد غالبية أعضائها صفاتهم الوزارية أمام عاصفة الاحتجاجات الشعبية العراقية خلال الشهور الماضية، والتي تم احتواؤها بسهولة عجيبة ليعود الوزراء المقالون لمناصبهم، ولتختفي بالكامل كل أطروحات ونداءات التغيير!!، ولتعود حليمة لعادتها القديمة! وكأن شيئا لم يكن وبراءة الأطفال في عيونهم!؟
لقد أثيرت ضجة داخلية وخارجية كبرى حول مشاركة حشود وفصائل الحشد الطائفي العراقي في معركة الفلوجة الأخيرة، ولكن في النهاية شاركت تلك الحشود في المعركة تحت أغطية الجيش العراقي والقوات الأمنية، وتمكنت من فرض أجندتها الميدانية، ومارست أفعالا شائنة ومقرفة وإرهابية بحق المدنيين والأبرياء ودور العبادة بشهادة المنظمات الإنسانية الدولية، وأحدثت بممارساتها الفجة والرثة والكريهة حالات جديدة من الانقسام المجتمعي، وأسست لبذور أحقاد انتقامية لن تهدأ نيرانها أبدًا لمن يعرف حقيقة الوضع الاجتماعي والنفسي والعشائري العراقي!، وحيدر العبادي حينما يرد مسرعا على الدعوات الرامية لتفكيك الحشد فذلك نابع من كون وجوده في هرم السلطة في العراق لم يكن ليستمر لولا دعم فصائل الحشد والقوة الإقليمية المركزية التي تسانده وهو (إيران) له!؟، فالعبادي يدير المعركة من الناحية النظرية البحتة!!، ولكن من الناحية الميدانية الواقعية فالأمر مختلف تماما ونهائيا، فكل خيوط التعبئة العقائدية والتوجهات الإستراتيجية والأهداف النهائية والخطط الموضوعة تدار من قبل قيادة الحرس الثوري الإيراني التي هي اليوم الفاعل والعامل العسكري الأكبر لإدارة المعارك في كل من سوريا والعراق.
وقوات الحشد في نهاية المطاف ما هي إلا نواة واضحة ومتجسدة لقوات الحرس الثوري العراقية!، بعد أن نجحت طهران في الهيمنة الكاملة بل المطلقة على العملية السياسية الكسيحة أصلا!، وتمكنت من فرض أولوياتها، ونجحت في عزل وتهميش التيار المناهض لها ضمن صفوف التحالف الطائفي الحاكم!، حيدر العبادي لن يجرؤ أصلا على النطق بكلمة تفكيك الحشد! فكيف يعمل إذن من أجل تنفيذ ذلك المطلب؟ إنه أمر دونه خرط القتاد! بل تطير الرقاب من أجله؟ فجميع المفاصل الحيوية للنظام العراقي الحالي هي تحت إشراف ومراقبة الأجهزة الأمنية والعسكرية الإيرانية و(مستشارو الحرس الثوري الإيراني) في العراق لا يعبثون أبدًا بل إن توجههم الإستراتيجي يتمثل في إدارة معركة المصير الإيرانية في الشرق!، وهو هدف إستراتيجي طموح لمؤسسة الحشد الطائفي العراقي دور كبير في نجاحها واستمرارها، خصوصا وإن قيادات الحشد معروفة بولائها الذي لا يتزعزع والتاريخي للنظام الإيراني.
فقائد الحشد وهو النائب الحالي والوزير السابق وزعيم حركة بدر المهيمنة على وزارة الداخلية والأمن هادي العامري هو أصلا يحمل رتبة عميد في الحرس الثوري الإيراني وقاتل لسنوات عديدة في صفوف الحرس الإيراني خلال مرحلة الحرب الإيرانية ضد العراق؟، أما نائبه جمال جعفر إبراهيمي الشهير بأبي مهدي المهندس فتاريخه حافل في ممارسة الإرهاب في العراق والكويت على وجه التحديد ووقوفه شخصيا خلف تفجيرات 1983 ومحاولة اغتيال أمير الكويت الراحل جابر الأحمد عام 1985 وملفات اتهامية أخرى حكم عليها بالإعدام غيابيا في الكويت!؟ وهذه الملفات معروفة ومكشوفة لجميع المهتمين!، والنظام الإيراني حينما اختار عناصره تلك لقيادة الحشد فإنه يرسل رسالة واضحة بأن الحشد أنشأ ليبقى ويستمر ويتطور وصولا لإشهار مؤسسة الحرس الثوري العراقي!. لن يتفكك الحشد الطائفي في المدى المنظور على الأقل.. إلا إذا! والله أعلم؟.
يقين نت + وكالات
ب ر