
الخلافات تفضح الفساد (ملف)
يعد الفساد المالي والإداري أحد الأسباب الرئيسية لتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في العراق، لكن صفقات الفساد تبقى في الخفاء ولا تظهر إلى العلن إلا مع بروز الخلافات السياسية، لتتحول إلى فضائح فساد يتم تكشفها وتعرية المسؤولين عنها.
وتشهد المؤسسات العراقية تغلغل كبار حيتان الفساد ممن يسعون إلى تحقيق مكاسب شخصية وحزبية على حساب المصلحة العامة، ومع كل تجاذب سياسي، تقوم الأحزاب المتصارعة بتعرية بعضها البعض وفتح هذه الصفقات غير الشرعية وكشفها للجمهور.
سرقة القرن
ومع تكشف صفقة فساد العائدات الضريبية أو ما أطلق عليها “سرقة القرن” والتي حدثت إبان حكومة مصطفى الكاظمي، سارعت الحكومة الحالية ملاحقة المتورطين فيها، لكنها ما تزال تتجاهل ملفات فساد كبرى تورطت بها الحكومات التي تشكلت بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003.
وأشار تقرير لجنة تقصي الحقائق البرلمانية التي تشكلت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بعد ظهور الفضيحة، إلى تورط عدد من أعضاء فريق الكاظمي بتسهيل السرقة أثناء توليهم مناصبهم، وساعدوا في تسهيل إخراج الأموال من داخل العراق.
وأوضح التقرير بأن من بين مساعدي الكاظمي، رائد جوحي وأحمد نجاتي ومشرق عباس، بالإضافة إلى وزير المالية السابق علي علاوي، حيث صدرت بحقهم مذكرات توقيف وتجميد ممتلكاتهم.
وقال السوداني في مقابلة تلفزيونية أجريت في نيسان/أبريل 2023، إن “سرقة القرن، التي بلغ مقدارها 3 تريليونات و7 مليارات دينار، تمت بحماية وغطاء رسمي حكومي، بوجود شبكة من كبار المسؤولين في الحكومة السابقة أسهموا بالتغطية وتقديم التسهيلات لشبكة من السراق استولت على هذه الأموال”.
وتسبب قرار إطلاق سراح متورطين رئيسيين في “سرقة القرن” بكفالة مطلع 2023، بموجة من الغضب في الشارع العراقي، وسط اتهامات للحكومة بالتغاضي عن بعض المتورطين لارتباطهم بجهات متنفذة.
فساد عقاري
وربطت تقارير صحافية بين العملية التي نفذتها هيئة النزاهة العراقية في الأنبار والخلافات السياسية التي تشهدها المحافظة والتي دفعت بعض السياسيين للإيقاع بشركائهم السابقين.
وأعلنت هيئة النزاهة في 4 نيسان/أبريل 2023 تنفذ عملية وصفتها بـ”الكبرى والاستثنائية” ضد كبار مسؤولي التسجيل العقاري في محافظة الأنبار بسبب بيع آلاف الأراضي بشكل غير قانوني.
وجرى خلال العملية القبض على مدير عقاري الأنبار و5 من المسؤولين فيها، بعد إقدامهم على التلاعب والتزوير في أضابير تمليك عشرات الآلاف من الأراضي، وتم التحرز على ما يقارب 70 ألف إضبارة عقار تم تمليكها بصورة مخالفة للقانون، وضبط 400 هوية مزورة تعود إلى إحدى النقابات ومخشلات ذهبية ثمينة، وأكثر من 2 مليون دولار.
واعتبر عدد من القوى السياسية أن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي وحزبه المتنفذ في الأنبار متورط بشكل أساسي في القضية.
نهاية كمبش
وانتهت قضية فساد رئيس الوقف السني الأسبق سعد كمبش، بوفاته في ظروف غامضة بعد أن تم تهريبه من إحدى السجون المحصنة في بغداد، واعتقاله بعد يومين في إحدى أحياء الموصل.
ونقلت تقارير صحفية عن مصادر مقربة من المسؤول السابق في بغداد، وديالى، بأن الرجل “سيء الحظ”، لأن خلافات وظروف حزبية أدت إلى “التخلي عنه”، ووصوله إلى مصيره المحتوم.
ورغم تأكيد البيانات الرسمية عن وفاته الطبيعية، تدور الشبهات حول إمكانية تصفيته، واعتبر قاضي النزاهة الأسبق رحيم العكيلي في منشور عبر وسائل التواصل، أن كمبش “لم يقتل لأنه سرق، بل لأنه أصبح عبئا على السراق… حين يتغول الفساد وتتضخم أمواله ونفوذه تبدأ مرحلة الاغتيالات وتصفية الشركاء والشهود”.
في هذا الملف نسلط الضوء على الخلافات بين بعض الأطراف السياسية التي تسببت بفضح ملفات فساد عديدة في البلاد (لزيارة الملف اضغط هنا)