
الدكتور الضاري : ماجرى ويجري في الفلوجة هو جرائم حرب ترتكبها الميليشيات بدعم حكومي ودولي
اكد الأمين العام لهيئة علماء المسلمين في العراق الدكتور “مثنى حارث الضاري ” أن العراق محتل من طرف إيران، وانه أصبح ساحة خلفية لها من دون استثناء الدور السلبي للإدارة الأمريكية في إطالة عمر مأساة بلاد الرافدين.
واضاف الدكتور “مثنى الضاري” في حوار له مع جريدة الشروق الجزائرية أن ” ما حدث ويحدث في الفلوجة هو معركة ثأر طائفية مدعومة أمريكيا؛ بسبب ما تحمله المدينة من رمزية، فالفلوجة مستهدفة لذاتها بهذا العدوان، وليس مثلما يشاع أنه لتحريرها ،مؤكدا ان حكومة الاحتلال السادسة في العراق تسعى من هذه المعركة إلى تحقيق أهداف إيرانية تطال المنطقة كلها وليس الفلوجة والعراق فحسب؛ حيث يراد بهذا العدوان الانتقام من الفلوجة، وأهلها وتاريخها، فالحصار الشديد والقصف العشوائي مستمر عليها منذ سنتين، ولم يستثن أحدًا من سكانها، وذهب ضحيته آلاف من أبناء المدينة والمناطق المحيطة بها من قتلى وجرحى، هذا هو الهدف القريب من العدوان على الفلوجة وهو الثأر من المدينة، أما الهدف البعيد فهو محاولة استئصال حالة المقاومة في العراق، دعمًا للمشروع الأمريكي الإيراني في المنطقة”.
وبين الدكتور الضاري أن ” ماجرى ويجري في الفلوجة هو جرائم حرب متمثلا بالقصف بالأسلحة الثقيلة التي تطال المدنيين ومستشفى المدينة ومراكزها الصحية؛ أضحى سلوكًا متبعًا ومنهجيًا للقوات الحكومية والميليشيات المصاحبة لها منذ مدة طويلة، وجرائم القتل والتعذيب الفظيعة التي طالت قرابة الألف من رجال الصقلاوية شمال المدينة، وإعدام عددٍ من شباب مدينة الكرمة القريبة من الفلوجة، كانت ظاهرة وصورها مؤلمة جدًا وفاضحة لكذب الحكومة والتحالف الدولي الذي يدعمها،مشيرا الى ان تقديم الفاعلين إلى المحاكم، فهذا متعذر حاليا إن لم يكن مستحيلا في ظل هيمنة إيران على المشهد العراقي والدعم والحماية الأمريكية لحكومة بغداد، وترويجهما لمزاعم التقليل من أثر هذه الجرائم”.
واوضح الدكتور الضاري،أن “ السيستاني هو المسؤول الأول عما يجري من جرائم الحشد؛ بسبب فتواه المشهورة بـ”الجهاد الكفائي” التي على أساسها تم تشكيل ما يسمى بـ”الحشد الشعبي”.
واشارالدكتور الضاري إلى ان ” الحكومة الحالية تخطط وفق تصريحاتها المعلنة تجاه الفلوجة التي تتراوح بين الانتقام والثأر والاستئصال، والوقائع على الأرض تُثبت ذلك، والمرحلة تشهد حالة من التوافق الأميركي الإيراني بشأن مصير العراق يهدف إلى تحقيق مصالحهما فقط، وهو ما لا يتوافق مع المصالح العراقية والعربية ومصالح المنطقة، مبينا ان إيران تتعامل مع العراق وفق سياسة التابع مع المتبوع والآمر مع المأمور؛ حيث أصبح العراق حديقة خلفية لإيران ورأس جسر للوصول إلى المنطقة العربية، وهذا ما يحصل الآن فعلا”.
وبين الضاري أن ” العراق بات محتلا من قبل واشنطن وطهران، في البداية كان الاحتلال الأول الأمريكي احتلالاً بالأصالة؛ والاحتلال الثاني الإيراني احتلالاً بالوكالة، والآن إيران تحتل العراق وجودا وهيمنة وتأثيرا واستفادة، وأمريكا تحتله وجودًا ومحافظة على عمليته السياسية، وتسنده اقتصاديا للحيلولة دون انهيار هذه العملية، بأي صورة من الصور وشكل من الأشكال”.
ورد الدكتور الضاري على سؤال وجه له عن حجم التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية في العراق أن “ إيران متدخلة في الشأن العراقي بشكل كبير وممسكة بأغلب خيوط اللعبة فيه، فأذرعها وحلفاؤها من القوى والأحزاب والميليشيات في العراق يكفونها ذلك، وكذلك مستشاروها وأجهزتها الأمنية والاستخباراتية، وهي تسعى حثيثًا لاستثمار وجودها المؤثر والمهيمن والمتغوِّل في العراق، ومن هنا أدخلت قوات لها في مرات متعددة للمشاركة في عدد من المعارك، ولاسيما في معارك العام الماضي في محافظة صلاح الدين،وقيادة قاسم سليماني للأعمال القتالية طيلة العام الماضي وتعاون المجموعات الميليشياوية التابعة للأحزاب معه أضحى حقيقة مسلَّماً بها، وعشرات الصور والأفلام المنشورة في الإعلام تثبتها وتؤكدها، فضلا عن اعترافات بعض أعضاء القوى والأحزاب الطائفية الذين يتفاخرون بالدعم الإيراني للعراق في حربه على الإرهاب، وها هي الآن تظهر بوضوح وبشكل سافر في معارك الفلوجة التي يقودها ويشرف عليها قاسم سليماني شخصيًا، مبينا ان حكومة العبادي في ظاهرها تميل إلى أمريكا، ولكنها في باطنها تخضع لقوى الائتلاف الحاكم المقرب جدا من إيران، بل المأمور إيرانيا، ومن أمثلة هذا القرب بل الاتفاق هي معركة الفلوجة التي أعلن عنها “هادي العامري” قائد ميليشيات بدر، المقرب جدا من إيران، قبل إعلان رئيس الحكومة العبادي.،ومليشيات بدر مصنوعة على عين إيران ومدربة فيها ومجهزة عسكريا منها”.
في ختام حواره أكد الدكتور الضاري أن “المشكلة في العراق تكمن أساسًا في عدم وجود رؤية ولا إرادة حقيقية، ولا حل سياسيا متكامل، لا عربيًا ولا إقليميًا ولا دوليًا؛ حيث ينبغي أن يكون الحل كاملًا يعمل على تهدئة المنطقة، لا حلًا جزئيا لمعالجة موضوع تنظيم “الدولة” وتترك باقي الأمور لأصحاب الأهداف الخبيثة، ويلاحظ هنا أن أهداف التحالف الدولي وإيران في العراق وسوريا هي غير أهداف الدول العربية والخليجية تحديدًا، وعليه فلا مخرج إلا بحل حقيقي كامل وشامل، في إطار توافق عراقي على بناء عملية سياسية جديدة بدون تدخل دولي من أمريكا وإيران وبواسطة عقد اجتماعي مرعي دوليا، وهذا لن يتحقق مادامت الإدارة الأمريكية مُصرّة على محاولات إبقاء العملية السياسية الحالية وحمايتها، وما دامت تدعم بقاء حكومة العبادي بأيِّ شكل من الأشكال؛ لأجل المحافظة على العملية السياسية والتوافق الهشّ القائم، وهو ما صرَّحوا به علناً، وتناقلته الأخبار عنهم ووصل إلى حد اشتراط تقديم الدعم للحكومة عسكرياً واقتصادياً بهذا الشرط، وتمارسه عمليًا بقصفها الفلوجة بطائراتها القاصفة”.
يقين نت
م