اخفاقات حكومة العباديازمات بعد الاحتلالالأزمة السياسية في العراقالاحتلال الامريكي للعراقالتواجد الأمريكيالعراق بين احتلالينالموصلتقاريرديمقراطية الاحتلال

عودة الاحتلال الامريكي … السرية المعلنة بين توافد الجنود وبناء القواعد وترحيب الاذناب في العراق

 

مع الانسحاب الوهمي للقوات الأمريكية من العراق في أواخر عام 2011 ، وبعد حقبة سوداء خلفت ما خلفت من الدماء والدمار ، ظن العراقيون أنه خروج بلا رجعة لتلك القوات التي عاثت في البلاد فسادا وإفسادا منذ احتلال البلاد عام 2003 ، إلا أنه من الصعوبة بمكان أن يترك محتل جاء طامعا في ثروات العراق ومقدراته ، دون أن يسلب جميع أطماعه التي أتى من أجلها ، فبدأ يعود الاحتلال رويدا رويدا ، لاسيما في وجود طغمة من الساسة الحاليين الداعين لذلك والمرحبين به.

بذرائع واهية كاذبة يطلق المسؤولون الأمريكيون تصريحات بين الحين والآخر ، بضرورة إرسال قوات أمريكية إلى العراق ، يدعون أنها لتدريب القوات الحكومية تارة ، وأخرى يدعون أنها لمساعدة القوات الحكومية وميليشياتها في المعارك الرامية إلى استعادة بعض المحافظات من سيطرة مسلحي ( التنظيم ).

تصريحات حولت ملف عودة الاحتلال من السر إلى العلن ، من بين هذه التصريحات ما أقر به وزير الدفاع الاميركي ” اشتون كارتر ” بأن بلاده تعتزم ارسال أكثر من 200 جندي من قوات الاحتلال الى العراق بذريعة استعادة السيطرة على مدينة الموصل ، واعترف كارتر أن بلاده تنوي ارسال مئتين وسبعة عشر جنديا إضافيا الى العراق ، كمستشارين عسكريين ، مقرا أيضا خلال زيارته التي قام بها للعراق ولقاءه مع مسؤولين حكوميين ، بأن واشنطن سترسل مروحيات الأباتشي الهجومية ، ومدرعات الهمر.

كارتر اعترف أيضا بأن الرئيس الأمريكي “باراك أوباما” وافق على زيادة عدد القوات المحتلة في العراق من 3870 إلى4780 جنديا بذريعة المساهمة في تدريب القوات الحكومية وميليشياتها.

زيارة كارتر للعراق سبقتها زيارة وزير الخارجية الأمريكي “جون كيري” ، الذي هبطت طائرته بأحد القواعد العسكرية الامريكية قرب العاصمة بغداد ، وقالت مصادر صحفية إن السفير الأمريكي بالعراق ، كان في استقباله لدى وصوله ، بينما غاب اي تواجد لشخصيات من الحكومة الحالية عن استقبال كيري.

الإدارة الأمريكية قررت كذلك إرسال المزيد من القوات الأمريكية إلى العراق ، حيث أقر قائدُ ماتعرف بالعمليات العسكرية للتحالف الدولي ، الجنرال الاميركي “شون ماكفار-لاند” بأن هناك المزيد من القوات الاميركية سترسل الى العراق قريبا وهي غيرَالتي أعلنَ عنها وزيرُ الدفاع الامريكي “آشتون كارتر”.

الجنرال ماكفارلاند أقر بأن ما تركز عليه الولاياتُ المتحدة هو أن تتمكنَ مختلفُ القوات المشتركة الحكومية من عزلَ مدينة الموصل بمحافظة نينوى وأن تقطعَ المدينة عن بقية الاراضي الخاضعة لسيطرة مسلحي ( التنظيم ) ، معترفا بأنه بعد هذه المرحلة الاولى اذا وجدت قوات التحالف الظروف ملائمة بما يكفي كي تدخل وتشارك في معارك المدينة سيتم ارسال قوات امريكية اضافية للعراق.

إرسال أمريكا المزيد من جنودها إلى العراق ، جاء على الرغم من اعتراف التحالف الدولي في وقت سابق بوجود ستة آلاف جندي في العراق ، ينتمون لثماني عشرة دولة مشاركة بالتحالف ، وأقر المتحدث باسم التحالف “ستيف وارن” أن ستة آلاف من قوات ثماني عشرة دولة مشاركة في التحالف الدولي موجودة حاليًا في العراق ، موضحًا أن من بينها ثلاثة آلاف وخمسمائة من القوات الأميركية وألفين وخمسمائة من دول أخرى.

عودة الاحتلال الأمريكي للعراق لم تقف عند إرسال جنود فحسب ، وإنما وصل الأمر إلى اعتزام القوات الأمريكية إنشاء قواعد لها في العراق ، فقد كشفت مصادر مطلعة بأن القوات الامريكية تعتزم انشاء قاعدة عسكرية جديدة لها قرب قضاء سنجار بمحافظة نينوى في شمال العراق ، موضحة أن واشنطن تخطط لافتتاح قاعدة عسكرية جديدة قرب قضاء سنجار لتسريع عملية اقتحام مدينة الموصل.

اعتزام أمريكا إنشاء قواعد عسكرية جديدة في العراق ، لم يكن مستغربا لاسيما بعد أن كشفت صحيفة نيويورك تايمز الامريكية أن هناك قواعد أمريكية سرية شمالي العراق ، حيث أكدت الصحيفة أن هناك معلومات جديدة عن المنشأة العسكرية السرية التابعة لقوات الاحتلال الامريكية في شمالي العراق، والتي لم يكشف عنها إلا عند تعرضها لهجوم ومقتل أحد ضباط المارينز فيها.

الصحيفة الأمريكية أكدت في تقرير لها أن المنشأة تشكلت من قبل الكتيبة الثانية من فوج مشاة البحرية السادس ، وتتألف من الفين ومئتين جندي امريكي من مشاة البحرية ، وتوجد في مياه الخليج العربي على ظهر ثلاث سفن ، موضحة أن الكتيبة قررت إقامة قاعدة بشمالي العراق بما يقرب من خمسة آلاف جندي ومستشار وضابط ، في قاعدة كبيرة هناك كجزء من الاستعدادات لمعركة اقتحام مدينة الموصل.

النيويورك تايمز أشارت في تقريرها إلى أن الإدارة الاميركية بررت تكتمها على وجود قاعدة المارينز هذه، الى انها لم تشأ ان تقدم معلومات مجانية وان مكان وجود هذه القاعدة خطير ، إلا ان الصحيفة عدتها بداية لتوسع هادئ لنفوذ الاحتلال الأميركي في العراق.

توسع ما كان له أن يكون إلا بوجود ثلة من الساسة الحاليين الفاشلين ، الداعين والمرحبين لعودة الاحتلال الأمريكي للعراق وبقائه ، حفاظا على مناصبهم وأطماعهم السياسية ، فقد طالب رئيس الحكومة الحالية “حيدر العبادي” اثناء اجتماع عقده مع رئيس هيئة الاركان المشتركة لقوات الاحتلال الاميركية الجنرال ” جوزيف دنفورد” والوفد المرافق له في بغداد – طالبهم – بالمزيد من السلاح وتكثيف الضربات الجوية في العراق.

الأنكى من ذلك هو مطالبة حكومة كردستان العراق ببقاء القوات الأمريكية على الأراضي العراقية بذريعة منع أي اعمال عنف في البلاد بعد مغادرتها ، فقد أقر وقال نائب رئيس حكومة كردستان “قباد طالباني” في مؤتمر صحفي أنه طلب من الادارة الاميركية خلال لقاءاته بمسؤولين رفيعي المستوى ببقاء القوات الاميركية وقواعدها العسكرية في العراق ، بذريعة منع حدوث اية مفاجئات تتسبب باعمال عنف وقتال في المناطق تؤدي الى خطر على كردستان.

رئيس الجمهورية الحالي فؤاد معصوم طالب هو الآخر ، خلال لقاءات اجراها مع الممثل الخاص للأمم المتحدة في العراق “يان كوبيتش”، والسفير البريطاني في بغداد “فرانك بيكر”، ، بضرورة التدخل لحل المازق السياسي الخانق الذي يعيشه الفرقاء السياسيين في العراق.

معصوم أكد خلال لقاءاته ان تطورات الاوضاع السياسية في العراق ، تتطلب تدخلا عاجلا من قبل الجميع من اجل انقاذ الوضع من المازق الخانق الذي يعيشه الساسة الحاليون في العراق.

إرسال مزيد من الجنود الأمريكيين للعراق ، وبناء قواعد عسكرية أمريكية في البلاد ، وترحيب أذناب الاحتلال من الساسة الحاليين بذلك ، كلها دلائل دامغة على عودة الاحتلال الأمريكي للعراق ، الذي هو بمثابة صاعقة للعراقيين الذين ذاقوا ويلات ومرارة الاحتلال خلال سنوات ما بعد 2003.

يقين نت + وكالات

م.ع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى