
سرقة مخلفات ملوثة إشعاعياً تنذر بكارثة بيئية وصحية
أُعلنت السلطات العراقية الإسبوع الماضي، عن العثور على قطع حديدية ملوثة باليورانيوم، كانت قد سرقت من موقع لطمر المخلفات الحربية في محافظة ذي قار. ولم يسبق للسلطات الإعلان عن اختفائها، كما لم تحذر المواطنين من مخاطر تداولها، لكن مصادر صحفية نقلت عن مسؤول رفيع في المحافظة قوله، إن “الموقع المذكور تعرّض لسرقة 21 قطعة حديد ملوثة، وهي شديدة الخطورة وتعرض السكان لمخاطر الإصابة بالسرطان”، مضيفاً أن “سرقة هذه المواد من موقع الطمر تعني إدخالها بصناعة مواد منزلية قد تصل إلى منازل المواطنين في أي لحظة”. وأكد المسؤول إن “لجنة أمنية عليا شكلت لمتابعة هذا الملف الخطير، والذي أشرت فيه ضعف السيطرة الأمنية في منطقة طمر المواد الملوثة، حيث أن أقرب نقطة تفتيش تبعد أكثر من 20 كم عنها”.
ويحاول اللصوص إيصال قطع الحديد إلى معامل التدوير حيث يتم صهرها وإعادة تدويرها في استخدامات منزلية وصناعية متعددة.
وبحسب المصدر، فإن منطقة طمر المواد الملوثة تقع في “صليبات” في الصحراء المحاذية لمحافظة المثنى، وأن الموقع “يحتوي على 36 قطعة حديد كبيرة الحجم ملوثة إشعاعياً، ويحتوي كذلك على طنين من التراب الملوث المحيط بالمواد المسرطنة”.
من ناحيته ألمح مدير بيئة ذي قار “كريم هاني”، إلى أن تسعاً من القطع المسروقة هي أجزاء من سُرَف دبابات ملوثة، عُثر عليها في أحد مواقع تجميع (السكراب) في المحافظة.
ويعود تاريخ إنشاء موقع الطمر إلى عام 2007، عندما نقلت فرق مركز الوقاية من الإشعاع في المحافظة، مخلفات حربية ملوثة بالإشعاع إلى منطقة صليبات الصحراوية لطمرها هناك.
وصلت إلى أربيل
وحذرت منظمات معنية بالبيئة من مغبة تكتم السلطات على تسرب هذه المواد الخطرة خارج مواقع الطمر، حيث تولي دول العالم مسألة التلوث الإشعاعي اهتماما استثنائياً، وتسارع لتحذير السكان من مخاطر تداولها في حالة تسربها خارج المواقع المخصصة لها. وفي تبريرها للتعتيم على المعلومات حول مايجري في المواقع الملوثة بالإشعاع؛ قالت دائرة التوعية والإعلام البيئي في وزارة الصحة والبيئة، إنها أسباب “تتعلق بالأمن القومي للبلاد”.
إخلاء أكثر من 3 آلاف حاوية شديدة الخطورة من عدد من المنافذ البحرية بمحافظة البصرة.
ورغم أن اللجنة الأمنية العليا المشكّلة لهذا الغرض أوصت بتشديد العمل في نقاط التفتيش الأمنية على المواد المعدنية القابلة للتدوير، حسب ما ذكره مصدر مسؤول في المحافظة، إلا أن هذه المواد الخطرة إجتازت كل تلك النقاط من ذي قار جنوب العراق إلى أربيل شماله. وأكد المصدر ذاته، إن أجزاءاً من قطع الحديد الملوثة وصلت إلى محافظة أربيل، حيث توجد معامل لتدوير الحديد، من أجل صهرها وإعادة تصنيعها كمنتجات للاستخدام المنزلي، رغم تلوثها.
وسبق لهيئة المنافذ الحدودية، أن أصدرت تأكيداً رسمياً في العشرين من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، يفيد بإخلاء أكثر من 3 آلاف حاوية شديدة الخطورة من عدد من المنافذ البحرية بمحافظة البصرة. وقال المتحدث الرسمي باسم الهيئة “علاء القيسي”، إن الحاويات نقلت إلى أماكن خاصة، دون الإشارة لأعداد أُخرى من الحاويات الخطرة، عثر عليها في مطار بغداد الدولي. وذكرت مصادر صحفية إن الحاويات التي أُخليت من الموانئ ومن المطار تحتوي على نترات الأمونيوم ومواد كيمياوية أُخرى مزدوجة الإستخدام، ومواد شديدة الإنفجار، وأُخرى مصنفة كمواد عالية الخطورة ومضرة بالصحة ولا يجوز نقلها أو تداولها، فضلاً عن صهرها وإعادة تدويرها. ولم يذكر المصدر سبب وجود هذه المواد في المنافذ البحرية، لكنه أكد أنها نقلت إلى “أماكن خاصة”.
خطورة مواقع الطمر
ولا تقتصر المخاطر الصحية على المخلفات الحربية الملوثة، التي لا يقلل الطمر كثيراً من مخاطرها، بل ان مواقع طمر القمامة تشكل هي الأُخرى تهديداً جدياً للسكان، إذا ما أُنشئت قرب التجمعات السكانية، أو إذا سُمح للسكان بالاقتراب منها، حيث تنبعث منها أبخرة وغازات سامة مثل غاز ثاني أوكسيد الكربون والميثان، وتسبب العديد من الأمراض.
وتساهم مواقع الطمر بتلوث التربة والأنهر والمياه الجوفية، كما تؤدي لانزلاق التربة واحتمال حدوث انفجارات بسبب التفاعلات الكيمياوية والغازات القابلة للإحتراق.
ولا تنصح المراكز المهتمة بالبيئة بطمر النفايات، خاصة تلك التي ترشح بنسب مرتفعة، مما يؤدي لتسربها إلى المياه الجوفية، وكذلك المواد التي تحرر غازات سامة أو قابلة للاشتعال، فضلاً عن المخلفات الحربية الملوثة بالاشعاعات. وبحسب هذه المراكز فإن الأمراض التي تسببها مواقع طمر القمامة، يمكن أن تبدأ بالحساسيّة، وتنتهي بالسرطان.
وبدلاً من تحمل نتائج الطمر الخطرة، تستثمر العديد من الدول في هذا المجال، حيث تقوم بتحويل النفايات من مشكلة بيئية وصحية إلى حالة إيجابية، من خلال تحويل النفايات لمواد أولية قليلة الكلفة، بعد فحصها وفرزها وتقسيمها الى نفايات بلاستيكية وزجاجية وورقية ومعدنية، كما يمكن الاستفادة منها لإنتاج الطاقة.
واعترفت وزارة البيئة العراقية في العاشر من كانون الثاني/ يناير بعدم خضوع مواقع الطمر للشروط البيئية، كما تفتقر الدوائر المسؤولة عن رفع النفايات للخطط الخاصة بفرزها وتصنيفها بالشكل الذي يجعل إعادة تدويرها عملية آمنة، كما يحدث في بقية الدول.
وفي العادة تقوم الدوائر البلدية في مختلف المحافظات العراقية، بإلقاء النفايات خارج المدن بشكل عشوائي، حيث تتجمع أعداد من جامعي القمامة لنقلها إلى معامل التدوير .