تقارير

 تهريبه مستمر.. هل تحد إجراءات الحكومة من ارتفاع الدولار؟

 أدى تراجع قيمة الدينار العراقي أمام العملات الأجنبية بشكل متسارع لموجة من الغضب الشعبي، حيث أثر على القدرة الشرائية للمواطنين وأربك حركة السوق.

وواصل الدينار انخفاضه بعد أن فرض البنك الفيدرالي الأمريكي شروطاً جديدة أمام مزاد العملة الأجنبية في البنك المركزي العراقي، للحد من عمليات تهريبها إلى إيران، التي تخضع للعقوبات الأمريكية. وخلال شهرين بلغ سعر الدولار الامريكي حداً لم يبلغه منذ  نحو 19 عاماً، حيث ارتفع من 1470 ليتجاوز حاجز 1750 ديناراً، فيما تسود الشارع العراقي مخاوف من استمرار الارتفاع في ظل إجراءات حكومية محدودة، لا يجد كثير من الاقتصاديين إنها قادرة على إيقاف انهيار العملة الوطنية.

وكان البنك الفدرالي الأمريكي قد فرض في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي المزيد من الإجراءات، منها تطبيق نظام “سويفت” لمراقبة منافذ بيع الدولار، من أجل منع تهريبه إلى إيران.

وعاود المتظاهرون في بغداد والنجف وكربلاء الجمعة الخروج إلى الشوارع، بعد عشرة أيام على تظاهرة شهدتها العاصمة بغداد، دعا لها ناشطون على مواقع التواصل، للتعبير عن الإستياء من تجاهل الحكومة لما آلت إليه أوضاعهم. وبدأ المتظاهرون بالتجمع في شارع الرشيد منذ الساعة العاشرة من صباح الأربعاء 25 كانون الثاني/يناير، قادمين من أحياء العاصمة وبعض المحافظات، وتوجهت التظاهرة إلى بناية البنك المركزي، فيما انتشرت قوات الأمن بشكل مكثف في الشوارع والأزقة المؤدية إلى البنك.

 

تصحيح الخطأ بالخطأ

وفي محاولة لتهدئة الشارع الغاضب، إتخذ رئيس الوزراء “محمد شياع السوداني” عدداً من الإجراءات، من بينها إعفاء محافظ البنك المركزي “مصطفى غالب مخيف”، وتكيلف “علي محسن العلاق” بدلاً عنه، وسط  تساؤلات عن إمكانية أن يساهم هذا الإجراء في حل الأزمة.
وانتقدت أوساط عراقية إعادة تعيين العلاق محافظاً للبنك المركزي، حيث سبق له أن شغل هذا المنصب للفترة الممتدة بين 2014 و2020، واشتهر بحادثة فقدان سبعة مليارات دينار عام 2018، قال البنك المركزي إنها “تلفت” نتيجة تسرب مياه الأمطار إلى مخازن البنك. واعتبرت هذه الأوساط إعادة تعيين العلاق بالمنصب بمثابة تصحيح الخطأ بالخطأ، نظراً لإخفاقاته الكبيرة أبان توليه المنصب في تلك الفترة. ويعتبر علي محسن العلاق، الحاصل على شهادة الدبلوم العالي في العلوم المالية، من المحسوبين على رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، ألذي عينه أميناً عاماً لمجلس الوزراء خلال ولايتيه الأولى والثانية ، كما شغل أيضاً منصب رئيس”المجلس المشترك لمكافحة الفساد في العراق”.

 

 

حل أزمة أم صراع سياسي؟

وألمحت مصادر صحفية إلى أن إقالة مخيف لم تكن إعفاءاً بناء على طلبه كما ذكر البيان الرسمي، بل كانت مبيتة ولا علاقة لها بارتفاع سعر صرف الدولار، مؤكدة في الوقت نفسه وجود تنافس سياسي وراء هذا الإجراء للسيطرة على البنك. وينتمي المحافظ المقال إلى التيار الصدري، وهو أمر أثار تكهنات بأن الإقالة قد تندرج ضمن حملة يقودها المالكي وأتباعه لتطهير المناصب الحكومية من أتباع التيار، الذي لم يشارك في الحكومة الحالية. واستندت المصادر في تحليلها للموقف، إلى لقاء تلفزيوني مع المالكي عرض في الثاني والعشرين من كانون الثاني/يناير، أشار فيه إلى احتمالية وجود دوافع سياسية داخلية تقف خلف تدهور الدولار، لتحريض الشارع  ضد حكومة السوداني، في إشارة واضحة إلى التيار الصدري، الذي ينتمي له المحافظ المُقال. واتهم النائب “سجاد سالم” الإطار التنسيقي بمحاولة الهيمنة على البنك المركزي، مؤكداً في تصريح صحفي إن “أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار لا علاقة لها بمحافظ البنك المركزي،” معتبراً أن “إعفاءه من منصبه ليس حلاً لهذه الأزمة”. وأضاف سالم إن “سبب إرتفاع سعر صرف الدولار الرئيس تهريب العملة، وإعفاء محافظ البنك المركزي مصطفى غالب سببه أن قوى الإطار التنسيقي تستهدف محافظ البنك، لأسباب سياسية لا اقتصادية”.

 

بصمات “فيلق القدس” على ملف التهريب
وكان البنك المركزي قد أعلن عن “إطلاق حزمة من الإجراءات لتحسين أداء المعاملات المتعلقة بالدولار، والتي من شأنها أن تعيد سوق العملة الأجنبية إلى وضعها الطبيعي”.  ومن بين هذه الإجراءات “فتح منافذ لبيع العملة الأجنبية في المصارف الحكومية للجمهور لأغراض السفر، العلاج، الحج والعمرة، الدراسة وغيرها، وفق ضوابط البيع والشراء، فضلاً عن تلبية طلبات زبائن تلك المصارف لأغراض تمويل التجارة الخارجية”. وبحسب مصرفيين، فإن كل هذه الاجراءات لا تمثل حلاً جذرياً للأزمة، مع استمرار تهريب العملة إلى إيران، حيث من السهل أن يستغل المهربون هذه المنافذ وغيرها لتهريب العملة. وقال المصرفي “عدنان الشمري”، إن “الدولار لا يزال يهرّب إلى إيران، رغم قلة الحصة المالية منه التي يبيعها مزاد العملة للبنك المركزي، والتي تصل إلى 85 مليون دولار يومياً، بعدما كانت تتجاوز 200 مليون، لذلك يعاني السوق العراقي من شح في العملة الأمريكية”.

وكشفت قناة “إيران انترناشنال” المعارضة في تقرير لها، إن فيلق القدس الإيراني ينسق مع السفارة الإيرانية في بغداد لتهريب العملات الأجنبية من العراق. واستقت القناة معلوماتها من عناصر في الفيلق مكلفة بالعمليات العسكرية والاستخباراتية عبر الحدود. وجاء في تغريدة نشرتها القناة على موقع “تويتر”، أن الفيلق هرب ملايين الدولارات عن طريق صيارفة في النجف والسليمانية وكربلاء إلى حسابات الحرس الثوري في إيران.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى