20 عاما على الاحتلالازمة تفتت المجتمع العراقيالأزمة السياسية في العراقالموصلتحديات العراق 2020تقارير

خلافات كردستان الداخلية والخارجية وأزماتها المتصاعدة تدفع إدارتها للهروب مجددا إلى التلويح بالانفصال

 

مع اشتداد الصراع والخلافات وتبادل الاتهامات بين الأحزاب الكردية الرئيسة ، تبدو الأوضاع السياسية داخل كردستان العراق على صفيح ساخن ، كما تبدو أيضا العلاقة بين كردستان وبغداد أكثر توترا من ذي قبل ، لما شابها في الآونة الأخيرة من خلافات حادة في كثير من الأمور.

تصاعد حدة الخلافات والصراعات داخل كردستان وخارجه وضعت إدارته في موقف حرج ، كونها هي السبب الرئيس فيما يمر به كردستان من أزمات ، فيما تبقى الصراعات بين كردستان وبغداد قائمة وعلى أشدها ، رغم حصول كردستان على الحكم الذاتي عام 1991 ، لما يربطهما من مصالح سياسية واقتصادية حتى الآن.

الخلافات بين الأحزاب الكردية البارزة ، اشتدت وتيرتها مؤخرا وكان آخرها ، إعلان زعيم حركة التغيير المعارضة “نوشيروان مصطفى” أن الحركة ستعمل مع الإتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه “جلال الطالباني” ضد الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه “مسعود البارزاني” من اجل انهاء حالة التفرد والاستحواذ على القرار السياسي في كردستان العراق.

زعيم حركة التغيير المعارضة أكد أنه يجب البحث عن الاسباب التي ادت الى وصول كردستان للوضع الحالي ، لافتا الى أن الأشخاص الذين تسببوا في خلق المشاكل للوطن والمجتمع سيمثلون أمام المحاكم قريبا ، في اشارة لحزب البارزاني.

هجوم زعيم حركة التغيير على الحزب الديمقراطي الكردستاني أعقبه هجوم مماثل شنته النائبة عن الحركة نفسها “سروة عبد الواحد” وصفت خلاله زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني “مسعود البارزاني” بالدكتاتور الذي فشل في إدارة الازمات في كردستان العراق.

عبد الواحد أكدت أن الحزب الديمقراطي الكردستاني متفرد بالسلطة ولايستمع الى اي رأي للشركاء ، لافتة الى ان ملف العلاقات الخارجية بيده ، وقت ما يشاء يذهب الى بغداد ووقت ما يشاء يقطع الحوار مع بغداد ، ولديه الامن الداخلي والقضاء بيده ، وجميع السلطات محتكرة من قبل الحزب ، كما انتقدت أيضا إلقاء القبض على زعيم الحركة “نيشروان مصطفى” ، وأكدت أنه سياسي وليس قضائي ، وأشارت إلى أن الحركة لا تثق في القضاء باربيل لانه مسيس من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني ، وأشارت عبد الواحد أنه من الضروري على البارزاني ان يحل الاشكاليات في كردستان ، ومنها الازمة السياسية والاقتصادية ، فضلا عن الازمة مع بغداد ، لا ان يلفت انظار الشعب الى مواضيع توجيه التهم الى زعماء الاحزاب المنافسة له.

حركة التغيير اتهمت أيضا حزب البارزاني بممارسة ضغوطا على القضاء لجعله غير حيادي ، حيث انتقد المتحدث باسم الحركة “شورش حاجي” عدم رغبة الحزب الديمقراطي الكردستاني بأن يكون القضاء محايداً وجريئاً ، مؤكدا أن تحريك الشكوى ضد زعيم الحركة “نوشيروان مصطفى” جاء عقب توقيع الإتفاقية بين الإتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير ، معتبراً أن قرار اعتقال “نوشيروان مصطفى” يهدف الى ضرب الأمن الوطني.

اتهامات حركة التغيير لحزب بارزاني ذهبت إلى أبعد من ذلك ، فبالإضافة إلى اتهامها له بالدكتاتوري وممارسة الضغوط على القضاء وتشويه صورة زعيمها ، اتهمته بالسرقة وممارسة جرائم القتل والخطف في كردستان ، فقد اتهم النائب عن الحركة “أمين بكر” الحزب الديمقراطي بسرقة أموال الشعب ، وأنه يقف خلف جميع جرائم القتل والاختطاف التي تحصل في كردستان.

اتهامات رد عليها البارزاني بهجوم على حركة التغيير المعارضة واتهمها بالتشهير به في وسائل الإعلام ، وأكد بارزاني في رسالة له ، أنه من يحاول زعزعة وتخريب صفوف الشعب والإخلال بالأمن والاستقرار في كردستان ويعرضون الشعب للمشاكل والمصائب ، سينالون جزاءهم القانوني ، في إشارة إلى حركة التغيير المعارضة.

حكومة كردستان العراق وفي محاولة من الخروج من أزمتها الاقتصادية الخانقة ، ساومت الحكومة الحالية في بغداد بشأن زيادة صادرات النفط ، إذا ضمنت لهم الاخيرة ، إيرادات شهرية بقيمة مليار دولار ، وأقر المتحدث باسم حكومة كردستان “سفين دزه ئي” أن كردستان ستكون على استعداد لبيع النفط عن طريق بغداد إذا حصلت على حصة شهرية مليار دولار من الميزانية الاتحادية ، معترفا بان حكومة بغداد الحالية أوقفت ، في مارس / آذار الماضي ، صادرات النفط عبر خط أنابيب شمال العراق الى ميناء جيهان التركي ، للضغط على كردستان ، لاستئناف المحادثات بشأن اتفاق اقتسام عائدات النفط.

الخلافات والصراعات الحادة داخل كردستان وخارجه ، لم تقابلها إدارة كردستان إلا بالتلويح بالانفصال للحفاظ على وضعها الحالي ، حيث طالب رئيس ما يعرف بالمجلس الأمني لحكومة كردستان “مسرور البرزاني” بانفصال كردستان بعد معارك الفلوجة والموصل ، وأقر البرزاني بأن عدم الثقة وصل لمستوى لا يسمح ببقاء كردستان تحت سقف واحد مع أحد.

التهديدات بالانفصال سبقتها مساع حكومة كردستان للاستعانة بالخارج لمساعدتهم على ذلك وعلى تسليح قوات البيشمركة الكردية ، حيث قام رئيس حكومة كردستان “نيجرفان بارزاني” بزيارة إلى روسيا لطلب المساعدة في الانفصال وإمداد قوات البيشمركة بالسلاح.

المطالبة بالدعم الروسي جاء بعد ايام من اتفاق أبرم بين حكومة كردستان والولايات المتحدة على تجهيز وتسليح قوات البيشمركة الكردية ، فقد أقرت حكومة كردستان بأن ، نائب رئيس مجلس الوزراء “قباد طالباني” التقى في اربيل ، وفدا عسكريا اميريكا للحديث عن الدعم العسكري الاميركي لقوات البيشمركة ، معترفة بأن الجانبين بحثا تنفيذ كل التعهدات التي قطعتها الولايات المتحدة الاميركية لكردستان ، حيث اتفق الجانبان على الية مناسبة حول تسليح وتجهيز المساعدات الاميركية لقوات البيشمركة.

سعي حكومة كردستان لمساعدة الدول الأجنبية لها في الانفصال وتسليح قوات البيشمركة سرعان ما استجابت له تلك الدول ، فقد أقر مسؤول الاتحاد الوطني الكردستاني بقضاء مخمور التابع لمحافظة نينوى “رشاد كلالي” بمشاركة قوة برية أمريكية في المعارك الدائرة الى جانب القوات الحكومية المشتركة في جنوب وجنوب غربي قضاء مخمور بمحافظة نينوى.

كلالي اعترف أيضا أن قوة برية ومدفعية تابعة للقوات الامريكية التي تتمركز في قاعدة مخمور العسكرية قدمت الدعم في تأمين مناطق جنوب وجنوب غربي قضاء مخمور جنوبي نينوى ، لافتا الى أن العملية جاءت لتأمين المنطقة من الهجمات التي يقوم بها (التنظيم ).

طلب حكومة كردستان لدعم الدول الاجنبية لاسيما العسكري لقوات البيشمركة ، يعكس حجم المخاوف الكبيرة التي تنتابها من تسليح تلك الدول للقوات الحكومية وميليشيا ما تعرف بالحشد الشعبي ، حيث اقر زعيم حركة ماتعرف بالإصلاح والتنمية في كردستان “محمد بازياني” بمخاوف كبيرة للاطراف الكردية حيال التقوية والدعم الدولي الخارجي الذي يحظى به الجيش الحكومي وميليشيات مايعرف بالحشد الشعبي.

بازياني اعترف بأن تقوية الجيش وميليشيا ما تعرف بالحشد الشعبي يشكل خطرا على كردستان ، لافتا إلى أنه بعد انتهاء معارك الفلوجة سيحاول الحشد الشعبي والقوات المشتركة خلق الأعذار للزحف بإتجاه المناطق المتنازع عليها التي تسيطر عليها قوات البيشمركة بحجة اقتحام الموصل.

مخاوف كردستان من زيادة الدعم الخارجي للجيش الحكومي وميليشياته ، دفعت التحالف الكردستاني إلى الإقرار بارتكاب الميليشيات جرائم بحق نازحي الفلوجة ، حيث اعترف النائب عن التحالف “جمال كوجر” بأن الميليشيا الطائفية المدعومة حكوميا ارتكبت جرائم وحشية بحق نازحي الفلوجة والصقلاوية ، مطالبا بمحاكمة كل من تورط في ارتكاب هكذا جرائم.

الصراعات المحتدمة داخل كردستان العراق وخارجه لا تشي أبدا بحل يلوح في الأفق للأزمات المتفاقمة على جميع الأصعدة التي يمر بها كردستان ، بل تنذر بمزيد من الخلافات التي قد تدخل كردستان في نفق مظلم.

يقين نت + وكالات

م.ع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى