
مخاوف من مصير اسود ينتظر الموصل الحدباء مشابه بجرائمه الميليشياوية ماحدث في الفلوجة
الفلوجة ومن قبلها الرمادي وتكريت والمقدادية .. مدن عاثت فيها القوات الحكومية والميليشيات الطائفية فسادا وإفسادا ، وبدلوا أهلها من بعد أمنهم خوفا ، فقتّلوا وشردوا وعذبوا أبناءها ، في حملات منظمة ممنهجة ، تبدو عقاب جماعي لأهالي المحافظات المنتفضة ، ويبدو أن المصير ذاته ينتظر مدينة الموصل بمحافظة نينوى.
دماء أهالي الفلوجة لم تكد تجف ولم يبرح نازحوها أن يجدوا مكانا لإيوائهم ، بفعل جرائم القوات الحكومية والميليشيات الطائفية ، ورغم ذلك تستعد هذه القوات والميليشيات ومن خلفهما التحالف الدولي لهجمة جديدة في الموصل ، بذريعة التحرير ، ولكنها في حقيقة الأمر تدمير وتشريد ، وليست الفلوجة منا ببعيد.
استعدادات القوات الحكومية والميليشيات لاقتحام الموصل ، سبقها عمليات لتلك القوات والميليشيات انطلقت في قضاء مخمور جنوب الموصل الشهر الماضي ، إلا أنها واجهت مقاومة شرسة من مسلحي ( التنظيم ) وتكبدت خلال المعارك هناك خسائر فادحة ، ما دفعها إلى قصف مخمور بشكل عشوائي مكثف ، أسفر عن نزوح أعداد كبيرة من المدنيين خارج القضاء جراء شدة القصف.
العمليات العسكرية والقصف الحكومي والدولي على قضاء مخمور ومناطق جنوب الموصل ، إدت إلى نزوح آلاف الاهالي ، وهو ما أكدته بعثة الأمم المتحدة في العراق التي كشفت عن نزوح أكثر من اربعة عشر الف شخص من ديارهم وتم تسجيلهم في مخيمات وذلك إثر تجدد المعارك بين القوات المشتركة و( التنظيم ) جنوب وشرق الموصل ، والقصف الحكومي المتواصل على هذه المناطق.
بعثة الأمم المتحدة في العراق أشارت أيضا في بيان لها عدم قدرة مخيم ديبكه القريب من اربيل على احتواء العوائل النازحة من مناطق المعارك ، مؤكدة ان النازحين يعيشون اوضاعا انسانية صعبة.
مخيم ديبكه بمحافظة أربيل استقبل أيضا في الآونة الأخيرة 14 ألف شخص خلال ثلاثة أيام فقط ، نزحوا من مدينة الموصل على خلفية التأكيدات الحكومية على قرب عملية اقتحام المدينة ، فيما يواجه هؤلاء النازحين معاناة متفاقمة في تلك المخيمات ، حيث بدأت تظهر عليهم أعراض نفسية متعددة ، بسبب ما يعانون من ظروف معيشية سيئة.
اتباع القوات الحكومية والميليشيات الطائفية لسياسة الأرض المحروقة في كل المدن التي يقتحموها ، كان سببا آخر في نزوح الآلاف من أهالي مدينة الموصل خشية بطش القوات الحكومية وميليشياتها بهم.
تلميح الحكومة الحالية بقرب معركة الموصل دفع أيضا أعدادا كبيرة من أهالي المدينة إلى النزوح إلى الحدود السورية العراقية ، فقد ظلت آلاف العائلات النازحة عالقة على الحدود السورية العراقية ، وهو ما اعترف به عضو مجلس محافظة نينوى الحالي “خلف الحديدي”
الذي أقر بأن آلاف العائلات من محافظة نينوى وصلاح الدين والانبار عالقة على الحدود السورية العراقية في مناطق القامشلي والحسكة ومخيم الهول ، معترفا انهم يعانون من قلة الطعام وشحة المياه وانعدام الادوية فضلا عن سكن الكثير منهم بالعراء ووجود حالات من الوفيات من الاطفال والنساء والمرضى وتعرضهم للاصابة بأمراض جلدية والجفاف وغيرها.
وفي غمرة هذه الموجات الكبيرة من النزوح ، توقعت حكومة كردستان العراق استقبال 500 ألف نازح من مدينة الموصل بمحافظة نينوى ، اذا بدأت عمليات اقتحام المدينة ، مؤكدة عدم امتلاكها القدرة على استيعاب هذه الأعداد ، وأنها تحتاج إلى أكثر من 270 مليون دولار ، لذلك.
مدير ما يعرف بالمركز التنسيقي للأزمات المشتركة في وزارة داخلية كردستان “هوشنك محمد” أكد أن حكومة كردستان أعدت خطة طوارئ ، استعدادا لمعركة الموصل ، مبينا أن الخطة تهدف الى الاستجابة لإنقاذ النازحين من المدينة ، متوقعا نزوح نحو مليون شخص من مدينة الموصل خلال عملية تحرير المدينة ، ولجوء نحو 500 ألف منهم إلى كردستان ، فيما أقر بأن تنفيذ الخطة بحاجة إلى موازنة تقدر بـ275 مليون دولار ، لافتا إلى أن حكومة كردستان لا تمتلك الإمكانيات المالية للاستجابة لهذه الخطة.
تضارب الأنباء عن موعد بدء عملية اقتحام الموصل وتأجيلها بين الحين والآخر ، ومحاولة الحكومة الحالية التحشيد لها والحصول على الدعم الدولي ، يعكس علم الحكومة الحالية بمدى صعوبة المعركة ، التي ربما سيشارك فيها الاحتلال الأمريكي بقوات برية ، كما شارك في معارك جنوب وجنوب غربي قضاء مخمور باعتراف حزب الطالباني ، حيث أقر مسؤول الاتحاد الوطني الكردستاني بقضاء مخمور التابع لمحافظة نينوى “رشاد كلالي” بأن قوة برية ومدفعية تابعة لقوات الاحتلال الامريكي التي تتمركز في قاعدة مخمور العسكرية شاركت قوات الجيش الحكومي في المعارك الدائرة في مناطق جنوب وجنوب غربي قضاء مخمور.
كلالي اعترف أيضا بأن مشاركة قوات الاحتلال الامريكي في المعارك الدائرة جنوب مخمور تأتي ضمن التنسيق المشترك لتأمين المنطقة من الهجمات التي يقوم بها (التنظيم ) ، مشيرا إلى أنه يتم استهداف مواقع البيشمركة والجيش الحكومي باستمرار.
الاستعدادات الجارية لاقتحام الموصل من القوات الحكومية المشتركة والميليشيات الطائفية وتصريحات الساسة الحاليين حول أهميتها ، أثار مخاوف أهالي تلك المدينة من مواجهة مصير أبناء الفلوجة ، الذين ذاقوا ويلات طائفية هذه القوات والميليشيات ، ودفعوا دماءهم ضريبة غوغائيتهم وطائفيتهم المقيتة.
جرائم القوات الحكومية والميليشيات الطائفية في الفلوجة وغيرها من المدن ، أثارت ايضا مخاوف المنظمات الدولية والحقوقية من تكرارها في الموصل ، فقد حذرت منسقة الأمم المتحدة للإغاثة الإنسانية في العراق “ليزا غراند” من كارثة إنسانية ستشهدها مدينة الموصل بمحافظة نينوى عند اقتحام القوات الحكومية وميليشياتها للمدينة.
غراند قالت إنه عندما تبدأ القوات الحكومية خطتها لمهاجمة الموصل فإن مئات الآلاف من سكان المدينة سيكونون مضطرين للهرب منها ، ما سيعود بنتائج كارثية على المنطقة ، مضيفة أن ما سيحدث في الموصل سيكون من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم ، خصوصا الأوضاع الحالية ، لأن كردستان العراق لن يتحمل أعباء كبيرة باستضافته للمزيد من اللاجئين.
تصريحات غراند جاءت بعد أيام من تحذيرها من تكرار سيناريو الانتهاكات الانسانية والجرائم التي ارتكبتها القوات الحكومية وميليشيات مايعرف بالحشد الشعبي في الفلوجة مرة اخرى في مدينة الموصل اثناء تنفيذ عملية اقتحام لها خلال الفترة المقبلة.
الفلوجة وما حدث بها من جرائم وانتهاكات وحشية يندى لها جبين الإنسانية ، على يد القوات الحكومية وميليشياتها الطائفية خدمة للمشروع الإيراني في المنطقة ، جديرة بأن تثير مخاوف العالم أجمع على مصير مشابه تنتظره مدينة الموصل ، التي تعد لها القوات الحكومية وميليشياتها العدة لإبادة أهلها وتغيير ديموغرافيتها.
يقين نت + وكالات
م.ع