اخفاقات حكومة العباديالأزمة السياسية في العراقتحديات العراق 2020تقارير

تراكمات الفشل الحكومي تتجلى بهروب الساسة من عقر برلمانهم المقتحم في محصنتهم الخضراء

 

مع بلوغ الصراع بين الساسة الحاليين ذروته ، تبدو العملية السياسية في العراق على شفا الانهيار ، صراع بين رفقاء الأمس فرقاء اليوم ، يجنح خلاله كل طرف إلى الاستفراد والبعد عن المشاركة – التي لطالما تغنوا بها – للوصول إلى غاياتهم السياسية ، فتلك الغاية عندهم من المناصب والكراسي ، تبرر الوسيلة وإن كانت تخريب وتدمير البلاد.

الأحداث التي شهدتها العاصمة بغداد السبت ، ما كان لها أن تكون إلا بعد أن شعر أحد أطراف الصراع ، أنه لم يحصل على ما كان يرنو إليه من المناصب في التشكيلة الحكومية الجديدة التي كان يعتزم رئيس الوزراء الحالي “حيدر العبادي” استكمالها في البرلمان الحالي ، الذي لم يخل هو الآخر من الصراعات والخلافات على رئاسته.

زعيم ما يعرف بالتيار الصدري “مقتدى الصدر” عندما علم أنه لم يحصل على مكاسبه السياسية ، أوعز إلى أنصاره باقتحام المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد ، أثناء انعقاد جلسة لمجلس النواب الحالي ، والذي كان من المقرر أن يستكمل فيها العبادي طرح باقي كابينته الوزارية الجديدة.

أنصار الصدر اقتحموا مبنى البرلمان الحالي وقاموا بتحطيم أثاثه ، بعد أن قاموا بتكسير سيارات عدد من النواب الحاليين قبل اقتحامهم للبرلمان ، فيما اعتدى أنصار الصدر بالضرب المبرح على رئيس كتلة ما يعرف بالفضيلة “عمار طعمة” عقب الاشتباك مع أفراد حمايته.

مقتحموا المنطقة الخضراء من أنصار الصدر لم يكتفوا باقتحام البرلمان الحالي وتحطيم أثاثه ، بل توجه بعضهم إلى مقر مجلس الوزراء الحالي في المنطقة الخضراء أيضا ، وقاموا باقتحام الأمانة العامة له.

قيادة ما يعرف بعمليات بغداد ، أعلنت عقب اقتحام أنصار الصدر للمنطقة الخضراء ومبنى البرلمان الحالي ، حالة الانذار والطوارئ القصوى في العاصمة ، وإغلاق جميع مداخل بغداد ، والسماح بالمغادرة فقط منها ، كما وجهت قيادة ما يعرف بعمليات بغداد القوات الحكومية بالانتشار بشكل مكثف في المنطقة الخضراء ، فيما توجهت قوات تابعة لما يعرف بالفرقة الذهبية من خارج بغداد إلى المنطقة الخضراء في محاولة للسيطرة على زمام الأمور.

اقتحام أنصار الصدر للبرلمان الحالي دفع رئيس مجلس النواب المقال “سليم الجبوري” ، لمناشدة زعيم ما يعرف بالتيار الصدري “مقتدى الصدر” بسحب أنصاره من مبنى مجلس النواب الحالي المقتحم ، في محاولة منه لانقاذ المشهد السياسي المتهالك.

رئيس الجمهورية الحالي “فؤاد معصوم” ، خرج من سباته العميق محاولا حماية منصبه من الزوال وليس لما يتطلعه الشعب ، مناشدا أنصار الصدر إلى ضبط النفس وعدم المساس باعضاء مجلس النواب الحالي والموظفين والممتلكات العامة والخاصة والى اخلاء المبنى.

معصوم ناشد كذلك الساسة الحاليين بسرعة إجراء التعديل الوزاري المزعوم وتنفيذ الاصلاحات السياسية والادارية المزعومة التي عجز رئيس الوزراء الحالي “حيدر العبادي” عن إجرائها لما تشهده العملية السياسية من صراعات بين الفرقاء السياسيين.

القوات الحكومية ردت على اقتحام أنصار الصدر للمنطقة الخضراء بإطلاق الرصاص وإلقاء القنابل المسيلة للدموع حيث قامت تلك القوات ، بالتصدي لأنصار ما يعرف بالتيار الصدري قرب الجسر المعلق المؤدي لاحدى بوابات المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد ، فيما اندلعت مواجهات بين القوات الحكومية وما يعرف بقوات الفوج الرئاسي.

أنصار الصدر وعقب اقتحامهم مبنى البرلمان الحالي ، انسحبوا منه وتوجهوا إلى ساحة الاحتفالات بالمنطقة الخضراء للاعتصام بها ، حيث نصب أنصار الصدر الخيم في ساحة الاحتفالات ، وبدأوا اعتصاما مفتوحا.

اقتحام أنصار الصدر للمنطقة الخضراء قد يستغربه البعض أو يجد نوعا من الغموض في تفسيره ، لاسيما وأن هذه المنطقة محصنة ، ولا يسمح بالاقتراب من أسوارها المعززة بجدار إسمنتي مرتفع في كامل محيطها ، إلا أن هذا الغموض يتلاشى بمعرفة أن رئيس الوزراء الحالي “حيدر العبادي” هو من سمح بدخول أنصار الصدر إلى تلك المنطقة المحصنة ، الأمر الذي يؤكد تواطئ العبادي مع الصدر ، في خطوة قد تسعفه في وضعه السياسي المتخبط من خلال إبعاد الانظار عنه.

ولأن الهروب من شيم السارقين الفسدة ، فزع الساسة الحاليين بعوائلهم للهروب عبر مطار بغداد إلى خارج البلاد ، فقد هرب عدد كبير من الساسة الحاليين إلى خارج البلاد برفقة عوائلهم عبر مطار بغداد ، حيث توافد الساسة على المطار وتجمعوا داخل قاعة نينوى للتوجه عبرها الى خارج العراق ، بعد ساعات من اقتحام أنصار الصدر للمنطقة الخضراء واقتحام مبنى البرلمان الحالي.

بعض الساسة الحاليين الذين لم يستطيعوا الوصول الى سياراتهم عقب اقتحام أنصار الصدر للبرلمان الحالي ، لجأوا الى الهروب عن طريق الزوارق النهرية لعبور الضفة الاخرى من نهر دجلة ، ما يعكس حالة الخوف والذعر التي انتابتهم ، فيما لجأ بعض الساسة الهاربين للاختباء بمبنى السفارة الامريكية الي اخلت موظفيها في قرار مماثل لمنظمة الامم المتحدة التي اغلفت مكاتبها واجلت موظفيها من بغداد.

أنباء هروب الساسة الحاليين أكدها وصول النائب الحالي “علي العلاق” إلى مطار العاصمة السويدية ستوكهولم ، حيث نشر بعض الناشطين صورا له في المطار المذكور على مواقع التواصل الاجتماعي.

جولة جديدة من الصراعات والاتهامات بدأت عقب أحداث اقتحام أنصار الصدر للمنطقة الخضراء والبرلمان الحالي ، حيث اتهم ائتلاف ما يعرف بدولة القانون الذي يتزعمه “نوري المالكي” ، الرئاسات الثلاث بالوقوف وراء الفوضى داخل البرلمان الحالي وأقرت النائبة عن الائتلاف “نهلة الهبابي” بأن البرلمانيين المعارضين كانوا يريدون التغيير الوزاري دون الحاجة لتدخل متظاهري ما يعرف بالتيار الصدري ، معترفة بأن البرلمانيين المعارضين يحملون الرئاسات الثلاث مسؤولية الفوضى داخل مجلس النواب الحالي.

الائتلاف نفسه هاجم كذلك التحالف الوطني الحالي والذي ينضوي تحته ، واتهمه بالكذب ، حيث هاجم النائب عن الائتلاف “منصور البعيجي” التحالف الوطني الحالي ، وأكد انه تفتت ولم يبقى منه سوى الاسم جراء الصراعات السياسية الدائرة في صفوف المنتمين له.

البعيجي أقر بأن التحالف الوطني الحالي بات مجرد اسم يطلق شعارات اعلامية عند وقت الانتخابات وتشكيل الحكومة للحصول على مناصب ومكاسب ، معترفا بأن البرلمانيين المعارضين شكلوا جبهة سُميت بجبهة المعارضة ، وهي بديلة للتحالف الوطني الحالي ، وهي الان بصدد كتابة نظام داخلي وفق السياقات القانونية ، مؤكدا أنه حال اكماله سوف ندخل بكل قوة داخل مجلس النواب الحالي.

العملية السياسية في العراق والتي بنيت على أسس من الفساد والمحاصصة الطائفية ، بدت علامات احتضارها واضحة ، لاسيما في ظل الصراعات المحتدمة بين أطراف تلك العملية ، ومحاولة كل طرف الإطاحة بالآخر ، بينما يبقى الشعب العراقي وما يعانيه من أوضاع أمنية واقتصادية وخدمية متردية ، ضحية هذه المهاترات بين الساسة الحاليين الذين لاغاية لهم سوى المصالح الشخصية والحزبية.

يقين نت + وكالات

م.ع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى